ليلة القدر تأتي في العشر الأواخر من رمضان، وهي ليلة مباركة جعلها الله خيرًا من ألف شهر، أي أن العمل الصالح فيها يعادل أكثر من 83 عامًا من العبادة. وقد حثَّ النبي ﷺ على تحرِّيها في الليالي الوترية من العشر الأواخر، فقال: "تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" (متفق عليه).
فضل ليلة القدر في القرآن
خصَّ الله تعالى هذه الليلة بفضل عظيم، وذكرها في مواضع عدة من القرآن الكريم، حيث قال في سورة القدر:
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" (القدر: 3).
كما وصفها في سورة الدخان بأنها ليلة مباركة يُفْرَق فيها كل أمر حكيم:
"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ... فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ" (الدخان: 3-4).
أعمال يستحب القيام بها في ليلة القدر
اجتهد النبي ﷺ في العشر الأواخر من رمضان أكثر من غيرها، فكان يُحيي الليل بالعبادة والذكر. ومن الأعمال التي يُستحب القيام بها في هذه الليلة:
الصلاة: أداء صلاة القيام والتهجد بخشوع.
قراءة القرآن: تدبر آيات الله والاقتراب منه بكتابه الكريم.
الذكر والتسبيح: قول "سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر".
الدعاء: فقد أوصت عائشة رضي الله عنها أن نسأل الله العفو، كما قال النبي ﷺ:
"قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفوَ، فاعفُ عني" (رواه الترمذي).
كيف نستعد لليلة القدر؟
لتحقيق أقصى استفادة من هذه الليلة المباركة، يُفضَّل الاستعداد لها من خلال:
تنظيم الوقت: تجنب الانشغال بأمور الدنيا والتركيز على العبادة.
تحقيق الإخلاص: أداء العبادات بنية صادقة وخالصة لله.
التوبة الصادقة: الإقلاع عن الذنوب والعودة إلى الله بقلب نقي.
استمرار الطاعة بعد رمضان: قال تعالى: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر: 99)، مما يدل على أهمية الاستمرار في العبادة حتى بعد انقضاء الشهر الفضيل.
إن ليلة القدر هدية من الله لعباده، فهي فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب ومضاعفة الحسنات. فلنجعلها نقطة تحول في علاقتنا مع الله، ولنحرص على قيامها إيمانًا واحتسابًا، لعلنا نكون من الفائزين بها، فقد قال النبي ﷺ: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه" (متفق عليه).