تخيل مدينة ضخمة بحجم حلم حضاري، ناطحات سحاب شاهقة تصافح السحاب، شوارع واسعة تمتد بلا نهاية، حدائق غنّاء ومجمعات سكنية مترامية الأطراف... ولكن لا صوت، لا ضجيج، فقط الرياح تصافح الأبواب المغلقة وتداعب النوافذ الخاوية.
في قلب صحراء منغوليا الداخلية، تقف "أوردوس" مثل لوحة فنية خالية من الروح. مدينة شُيدت لتكون مأهولة بمليون نسمة، لكنها اليوم تفتقد الحركة والحياة، وكأنها محطّة زمنية توقفت فيها عقارب الساعة.
كيف لمدينة متكاملة بكل تفاصيلها الدقيقة، من بنية تحتية متطورة إلى أبراج حديثة، أن تظل دون سكان؟!
الحقيقة وراء "أوردوس" ليست لغزًا من الخيال العلمي، بل هي انعكاس لواقع اقتصادي مرير. نشأت المدينة كجزء من حلم صيني بالتوسع الحضري والازدهار الاقتصادي، لكنها اليوم تقف كرمز لطموحات كبرى تعثرت في مواجهة الواقع.
الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية لم تستطع جذب السكان بسبب ارتفاع التكاليف وأسعار العقارات الباهظة، مما جعل المدينة فارغة رغم جاهزيتها لاستقبال مئات الآلاف.
لكن يبقى السؤال المحير:
هل يمكن أن تكون "أوردوس" يومًا ما مركزًا للحياة، أم أن المدن مثلها ستظل عالقة في زوايا التاريخ كمدن الأشباح؟
هل تلك المدن هي فرصة ثانية تنتظر ظروفًا مواتية أم مجرد مشروعات معمارية ضائعة بين طيات الصحراء القاسية
